شيرين أبو عاقلة.. اغتيال ميكرفون وعدسة الحقيقة في فلسطين
"في اللحظات الصعبة تغلبت على الخوف، فقد اخترت الصحافة كي أكون قريبة من الإنسان، ليس سهلا ربما أن أغير الواقع، لكنني كنت قادرة على إيصال ذلك الصوت للعالم"، بتلك الكلمات وصفت الصحفية شيرين أبوعاقلة مراسلة فضائية الجزيرة في فلسطين مهمتها الأساسية وهي إيصال صوت الفلسطينيين المغلوبين على أمرهم إلى العالم، إفشاء جرائم المغتصب الإسرائيلي بحث أرض فلسطين الطاهرة، فضح جرائم الاحتلال والاستيطان والممارسات الفجة التي يمارسونها ليل نهار.
اغتيال أبو عاقلة جريمة حرب
لم تتوقف جرائم ذاب الاحتلال بحق الفلسطينيين العزل يوما، وازدادت يوما وراء آخر، حتى شكل اليوم استهداف الصحفية شرين أبو عاقلة عبر رصاصة في الرأس من قناص إسرائيلي، فجر اليوم، جريمة حرب جديدة تضاف إلى سجل الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية الحافلة، والتي يبدو أنها لن تنتهي قريبا، في ظل الصمت والتجاهل الدولي.
اغتيلت أبو عاقلة اليوم أثناء محاولاتها نقل ما يحدث في مخيم جنين للنازحين بالأراضي الفلسطينية المحتلة، اليوم، ليسكتها الاحتلال عن نقل جرائم قواته إلى باقي العالم، خوفا من إظهار الحقيقة، وإظهار بطشهم بحق الفلسطينيين العزل.
محطات في تاريخ أبو عاقلة
خرجت أول صرخة من شيرين إلى الدنيا، عام 1971، بمدينة القدس وتعود أصول عائلتها إلى مدينة بيت لحم الواقعة بالضفة الغربية، ترعرت شيرين داخل أحياء مدينة القدس تستمع إلى أصوات المدافع وترى رصاصات جيش الاحتلال تجاه أبناء وطنها، فاختارت أن تكون صوتا لهم.
في البداية درست الهندسة المعمارية في جامعة العلوم والتكنولوجيا بالأردن، ثم انتقلت لتخصص الصحافة بجامعة اليرموك الأردنية، وحصلت على درجة البكالوريوس منها.
لم تنس شيرين حلمها وعادت إلى فلسطين لتعمل مع الأونروا، وإذاعة صوت فلسطين، وقناة عمان الفضائية، وإذاعة مونت كارلو، ومؤسسة مفتاح.
وفي عام 1997، أي ما يقرب من 25 عاما، افتتحت قناة الجزيرة مكتبها في فلسطين وتكون شيرين أبو عاقلة من أوائل المنضمين إليه، واستمرت في العمل مع الجزيرة حتى استشهادها صباح اليوم.
تغطية ميدانية
لم تخف شيرين خلال تغطيتها للأحداث والاشتباكات من الرصاص وتهديدات جيش الاحتلال، بل وتعرضت للإصابات والتهديد، لكن صوتها ظل قويا إزاء الحقيقة، للدرجة التي أوصلتها أن تكون نموذج إعلامي يستشهد به الجميع، وكانت كما أردت ناقلة لصوت الإنسان.
شاركت شيرين خلال سنوات عملها مع الجزيرة في تغطية عدد من الأحداث منها انتفاضة الأقصى بين عامي 2002:2004، وهي واحدة من الأحداث الخطيرة حيث وقع بها قصف واغتيالات كثيرة.
وغطت شيرين المواجهات الأخيرة التي وقعت بالقدس والأقصى وبالضفة الغربية وغزة كما نقلت اعتداءات المستوطنين على أهالي حي الشيخ جراح وتنكيل الشرطة لهم.
وفي صباح اليوم وقبل مقتلها بدقائق أرسلت شيرين رسالة عبر البريد الإلكتروني لمكتب الجزيرة تخبرهم أنها ستبدأ بنقل الأحداث الواقعة داخل مخيم جنين حين تضح الصورة، ولكن الاحتلال رصاصات جيش الاحتلال رفضت أن تنقل شيرين الحقيقة.
اغتيلت شيرين برصاصة في الرأس سرعان ما أنهت حياتها، وفق تصريح علي السمودي الصحفي المرافق لشيرين فإنهم كانوا يرتدون السترات المخصصة للصحافة وأظهروا أنفسهم أمام جيش الاحتلال حتى يعرف بوجودهم وانتقلوا بعدها لمكان آمان لم يتواجد فيه أي شخص مدني أو عسكري غيرهم.
رغم غيابها القاسي إلا أنها مدار سنوات عملها التي اقتربت من 30 عاما، استطعت أن تكون كما تمنت صوتا لأبنا وطنها، ووفقها الله أن تكون شجاعتها رمزا لكل العالم.