أنباء عن تعديلات وزارية على الأبواب، ودمج وإلغاء بعض الوزارات في حكومة مدبولي بعد سنوات من مواجهة الكثير من التحديات والعقبات، والتي قد تُطيح ببعض الوزارات، وتشكل عبء على البعض الاَخر، ليقف اليوم الجميع متسائلًا عن نتيجة أداء حكومة الدكتور مصطفى مدبولي.
بداية التكليف لحقبة مليئة بالمغامرات
في 7 يونيو لعام 2018 كلف رئيس الجمهورية الدكتور مصطفى مدبولي بتشكيل الحكومة، ومنذ ذلك الحين، واجهت طاولة مجلس الوزراء العديد من القضايا الاجتماعية والدولية الهامة التي كانت ومازالت تبحث لها عن حلول استراتيجية لتخطي الأزمة، وكانت أبرزها الأزمة العالمية لمواجهة فيروس كورونا، وأزمة توفير العملة الأجنبية، وحل مشكلة المبانٍ المخالفة، وأزمة سد النهضة، والأزمات الاقتصادية التي عصفت بالبلاد.
جائحة كورونا تُطيح بالاقتصاد وتتسبب في تفاقم الأزمة
قال الدكتور مصطفى بشكلٍ صريح إن العالم يمر بأسوأ أزمة منذ عشرينيات القرن الماضي، ولولا الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الدولة فيما يتعلق ببرامج الإصلاح الاقتصادي وعملية الإسراع بمعدلات التنمية والمشروعات التنموية لما استطاعت مصر أن تواجه الأزمات العالمية الناتجة عن جائحة كورونا.
وكانت قد خصصت الحكومة المصرية 100 مليار جنيه بنسبة 2% من الناتج المحلى الإجمالي للتخفيف من الآثار الاقتصادية الناجمة عن كوفيد-19، بالإضافة إلى زيادة المعاشات بنسبة 14%، واطلقت الحكومة مبادرة لدعم العمال غير النظاميين في القطاعات الأكثر تضرراً وتشمل 1.6 مليون مواطن، بالإضافة إلى تأجيل القروض لمدة 6 أشهر بداية، وتأجيل إرجاء سداد الرسوم والمستحقات على المنشآت الفندقية والسياحية للجهات الحكومية لمدة 6 أشهر.
إلا أنه وبعد ما يقرب من 3 سنوات من بداية جائحة كورونا، تعترف الحكومة بأن الوضع أصبح كارثي، وأن الأزمة والديون تتفاقم، ومعدل التضخم في زيادة مستمرة، و ارتفع معدل التضخم السنوي في مصر إلى مستوى أعلى من التوقعات في يوليو الماضي.
حيث أنه على إثر أزمة كورونا، توقفت العديد من القطاعات وخاصة القطاع السياحي، والذي يعتبر مصدر من مصادر الدخل القومي في مصر، وتسببت الأزمة في توقف عمل شركات الطيران أيضًا، وعادت بالكثير من الخسائر على الدولة، وأصبحت ورطة على طاولة الحكومة.
ملف سد النهضة أصعب التحديات على طاولة الحكومة
لماذا اكتمل الملء الثالث من سد النهضة دون أي تدخل مصري قوي؟، اخذت قضية ملف سد النهضة الكثير من حيز المفاوضات على طاولات الحكومات العربية والغربية، ولكن لم تصل مصر إلى حل، بل ازداد الطين بللًا كما يُقال بإعلان إثيوبيا الانتهاء من ملء المرحلة الثالثة لسد النهضة.
بدأت إثيوبيا بناء سد النهضة في شهر إبريل لعام 2011، وتطالب إثيوبيا بما تسميه الحقوق الجغرافية باعتبار أن نحو 80% من مياه النيل تنبع من أراضيها. وترفض بنود اتفاقيتي 1929 و1959 حول تقاسم مياه النيل.
من ناحية أخرى، رفضت إثيوبيا المبادرة المصرية السودانية التي تقضي بتشكيل رباعية دولية لقيادة مفاوضات حول سد النهضة، وأكدت أنها لن تتعامل إلا مع الوساطة الأفريقية المتمثلة في الاتحاد الأفريقي.
وعقد مجلس الأمن جلسة لمناقشة أزمة سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على مجرى نهر النيل، وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن بلاده تواجه خطرا وجوديا بسبب السد الإثيوبي مشددا على أن القاهرة ستضطر لحماية "حقها في البقاء".
واليوم تقف الحكومة متفرجة لما يحدث دون اتخذا أي قرار، وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن إثيوبيا اخترقت إعلان المبادئ ومصر لن تتهاون مع أي تهديد لأمنها المائي، بالرغم من إعلان انتهاء الملء الثالث، ودون أي إلتفات من إثيوبيا إلى حقوق مصر والسودان المائية.
ارتفاع سعر الدولار يضع الحكومة المصرية في مهب الريح
شهدت مصر مؤخرًا ارتفاعًا كبيرًا في أسعار السلع وخاصة السلع الغذائية، وتراجعًا في سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار، وفي الأيام القليلة الماضية وخلال المؤتمر الصحفي بمجلس الوزراء، قال مدبولي أن التحدي الكبير الذي يواجه الدولة هو توفير العملة الأجنبية وتقليل فاتورة الواردات، وعلى رأسها المواد البترولية والقمح والذرة، منوهًا بأن أسعار السلع تضاعفت خلال الفترة الماضية.
وفي مارس الماضي لعام 2022 أعلن البنك المركزي عن رفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة، وقال البنك إن ضغوطًا تضخمية عالمية بدأت في الظهور بعد بوادر تعافي الاقتصاد العالمي من جائحة فيروس كورونا، وذلك بسبب تطورات الصراع في أوكرانيا.
وأمام الارتفاع الحاد في أسعار لجأت البنوك الحكومية في مصر إلى إصدار شهادات ذات عائد مرتفع بمساعدة بنكي الأهلي ومصر، من خلال إصدار شهادة ادخار تتمتع بمعدل عائد ثابت طوال مدة الاحتفاظ بها وتبلغ نسبة العائد للشهادة السنوية 18%.
ومن وجهة نظر دويتشه بنك، وغولدمان ساكس، فإن العملة المصرية مقومة بأعلى من قيمتها بنسبة 10%، ولتغطية العجز المالي لجأت مصر إلى صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدة جديدة في مارس، حيث حصلت على تعهدات بأكثر من 22 مليار دولار من الودائع والاستثمارات من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر.
حيث أن صندوق النقد الدولي سيطالب بمزيد من مرونة الجنيه كجزء من الشروط المرتبطة بالموافقة على تقديم قرض جديد لمصر، وهو ما قد يدفع العملة المصرية للاقتراب من أدنى مستوى قياسي سجلته في عام 2016.
ارتفاع الأسعار من يتحمله الدولة أم المواطن؟
بنحاول نشيل العبء ولازم نرّشد الاستهلاك، كانت هذه كلمات مدبولي الأخيرة بخصوص زيادة الأسعار والغلاء الذي يُحتم على الحكومة ترشيد الاستهلاك بشكل واضح، وعلى أثره قامت بعقد اجتماعها بدون إضاءة.
وأعلن أن توقيت الأزمة الحالية بين روسيا وأوكرانيا سيئ جدًّا؛ بسبب موجة التضخم، وأن القمح على مستوى العالم زاد ثمنه بأكثر من 100 دولار للطن، وأكد أن الحكومة مدركة الشكوى التي يتحدث عنها الناس بسبب الغلاء، من أول لحظة ومن قبلها.
وبالرغم من الجهود التي تقوم بها الحكومة لمساندة المواطن على أثر أزمة غلاء الأسعار، إلا ان المواطن يُعاني في اتجاه اّخر من انعدام القدرة الشرائية في أغلب الأحيان.
أزمة الحرب في أوكرنيا تعيق جهود الحكومة المصرية لتوفير القمح
تستهلك مصر 22 مليون طن سنويًا من محصول القمح، منها 10 ملايين طن تنتجها محليا سنويًا، حيث أن مصر من الدول التي تأثرت بالحرب الأوكرانية الروسية، وخاصة فيما يتعلق بسعر رغيف الخبز التي شهدت ارتفاعًا كبيرًا، لتكون الأزمة الروسية الأوكرانية أحد أكبر العقبات التي واجهت حكومة مدبولي في محاولات لإيجاد خطة محكمة للتعامل معها.
كما سجلت قيمة واردات مصر منها 1.2 مليار دولار وبكمية بلغت 4.2 مليون طن بنسبة 69.4% من إجمالي كمية واردات مصر من القمح.
ووفقا بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، جاءت أوكرانيا في المرتبة الثانية بقيمة 649,4 مليون دولار، وبكمية 651,4 ألف طن بنسبة 10,7%، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.
وقامت الحكومة بطمأنة المواطنين بأن احتياطيات القمح الموجودة والمحصول المحلي تكفي لتغطية الطلب على الخبز المدعوم لنحو ثلثي السكان لمدة لا تقل عن 8 أشهر، في حين زاد سعر رغيف العيش ومن المتوقع ان يتم رفع الدعم عنه قريبًا.