في قمتين متتاليتين.. السعودية تجمع الصين والزعماء العرب نحو علاقات أكثر تقارب
تستضيف العاصمة السعودية الرياض "القمة العربية الصينية للتعاون والتنمية"، بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذى وصل الرياض أمس الخميس، وكان في استقباله الأمير محمد بن عبد الرحمن نائب أمير منطقة الرياض، كما يشارك قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية، بالتزامن مع الزيارة الرسمية التي يقوم بها الرئيس الصيني شي جين بينج للمملكة بدعوة رسمية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان.
[caption id="attachment_288283" align="aligncenter" width="300"] استقبال الرئيس السيسي لحضور القمة العربية الصينية في الرياض[/caption]وقبيل قمتين مرتقبتين، أجرى الرئيس الصيني محادثات ثنائية مع ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الجابر الصباح والرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
القمة الخليجية الصينية اليوم
وانطلقت اليوم الجمعة أعمال القمة الخليجية الـ 43 بالعاصمة السعودية الرياض وتترأس سلطنة عمان الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، والتي تعد خامس قمة اعتيادية تستضيفها السعودية على التوالي، وهذه سابقة هي الأولى في تاريخ مجلس التعاون منذ تأسيسه عام 1981، التي تستضيف فيها إحدى الدول 5 قمم متتالية.
[caption id="attachment_288284" align="aligncenter" width="300"] لقاء الأمير محمد بن سلمان وزعماء دول الخليج مع الرئيس الصيني[/caption]وفي بداية القمة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، أعلن الأمير محمد بن سلمان أن القمة تؤسس "لمرحلة تاريخية جديدة في التعاون الخليجي الصيني".
وكان قد تعهد في وقت سابق بأن تظل دول الخليج مصدرا آمنا وموثوقا لتزويد العالم بما يحتاجه من الطاقة، مؤكدا أن النفط والغاز سيظلان مصدرين مهمين للطاقة لعقود.
وفي بيان مشترك مطول اليوم الجمعة، تعهدت بكين والرياض بتعزيز التعاون والتشديد على مبادئ السيادة و"عدم التدخل"، مع التأكيد على أهمية الحل السلمي للصراع الأوكراني.
وقاومت السعودية وحلفاؤها في الخليج الضغوط الأمريكية للتخلي عن روسيا، العضو في مجموعة أوبك+، بعد غزوها لأوكرانيا وللحد من التعاملات مع الصين، إذ تحاول تلك الدول التعامل مع نظام عالمي يشهد استقطابا مع التركيز على اقتصاداتها ومصالحها الأمنية.
وتعد السعودية أكبر مورد للنفط للصين، وأكد البيان المشترك على أهمية استقرار السوق العالمية والتعاون في مجال الطاقة، مع السعي لتعزيز التجارة غير النفطية وزيادة التعاون في الطاقة النووية لأغراض سلمية.
وأكد الجانبان مجددا مواصلة الدعم المتبادل للمصالح الجوهرية.
وفي إشارة إلى المخاوف الأمنية الخليجية بشأن إيران، وهي مورد آخر للنفط للصين وتربطهما علاقات جيدة، اتفقت الرياض وبكين على الحاجة إلى "تعزيز التعاون المشترك لضمان الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي" وضرورة احترام طهران "لمبادئ حسن الجوار".
وعبرت الرياض عن دعمها لسياسة "صين واحدة" فيما يتعلق بقضية تايوان. وذكر التلفزيون السعودي الرسمي أن شي جين بينج دعا الملك سلمان إلى زيارة الصين.
القمة الصينية العربية للتعاون والتنمية
ومن المقرر أن يجري محادثات موسعة في وقت لاحق مع زعماء جامعة الدول العربية.
وتراقب الولايات المتحدة بحذر النفوذ المتزايد لمنافستها الاقتصادية في المنطقة التي تضعها الصين نصب عينيها إذ أنها أكبر مستهلك للطاقة في العالم وتتوسع شركاتها في التكنولوجيا ومجالات أخرى للبنية التحتية.
وتأتي زيارة شي جين بينج أيضا في وقت يشهد فيه تحالف الرياض طويل الأمد مع واشنطن توترا بسبب قضايا حقوق الإنسان وسياسة الطاقة وروسيا، فضلا عن شكوك الخليج بشأن التزام الولايات المتحدة بأمن المنطقة.
حقبة جديدة
قال الزعيم الصيني إن زيارته تمهد لما وصفها بأنها "حقبة جديدة" في العلاقات. ونقلت وزارة الخارجية عن شي جين بينج قوله "تتطلع الصين إلى العمل مع السعودية والدول العربية لتحويل القمتين إلى علامة فارقة في تاريخ العلاقات الصينية العربية والعلاقات بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، والارتقاء بهذه العلاقات إلى آفاق جديدة".
ومن بين من سيحضر القمة أمير قطر وولي عهد الكويت وملكا البحرين والأردن ورؤساء مصر وتونس وجيبوتي والصومال وموريتانيا، إلى جانب قادة ورؤساء حكومات العراق والمغرب والجزائر والسودان ولبنان.
العلاقات العربية الصينية
أكدت الخارجية الصينية حرص بلادها على انتهاز فرصة القمة الصينية العربية الأولى للعمل مع الدول العربية على تكريس الصداقة الصينية العربية التاريخية، ومواصلة إثراء وتعميق معادلة التعاون الشاملة الأبعاد والمتعددة المستويات والواسعة النطاق بين الجانبين، والعمل يدا بيد على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، بما يعود بالخير على الشعب الصيني والشعوب العربية، ويعزز التضامن والتعاون بين الدول النامية، ويحافظ معا على قضية السلام والتنمية في العالم.
وعن تاريخ العلاقات العربية الصينية، أشارت الوزارة إلى أنه في نهاية عام 1978، بدأت الصين تنفذ سياسة الإصلاح والانفتاح، مما دفع بـ "الذروة الثالثة" لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية، وحتى عام 1990 تم إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وكل من جيبوتي والإمارات وقطر وفلسطين والبحرين والسعودية وغيرها من الدول، إلى هنا تم إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وجميع الدول العربية.
وأضافت: "ظلت الصين تدعم تطلعات الشعوب العربية إلى تحقيق التضامن والوحدة بطرق اختارها أنفسهم، وتدعم الدول العربية لتسوية النزاعات بينها عبر التشاور السلمي".
وأشارت الخارجية الصينية إلى أنه منذ ثمانينات القرن الماضي وخاصة بعد انتهاء الحرب الباردة، تعمل الصين والدول العربية على دفع تعددية الأقطاب للقوى الدولية ودمقرطة العلاقات الدولية، وتعمل سويا على الدفع بإقامة نظام جديد أكثر عدلا وديمقراطية.
وأوضحت أنه مع تطور العلاقات بين الصين والدول العربية، نما حجم التبادل التجاري بين الجانبين بسرعة، وازدادت نسبة التجارة النفطية بين الجانبين من إجمالي التبادل التجاري، وفي فترة العقود الأربعة من عام 1970 إلى عام 2010، ازداد حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية بأكثر من 620 ضعفا، وازدادت الواردات النفطية الصينية من الدول العربية بحوالي 30 ضعفا في فترة العقدين من بداية التسعينات إلى عام 2010
إضافة إلى تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي وتطوره، والذي يضم الصين و22 عضوا في جامعة الدول العربية، وهدفه هو تعزيز الحوار والتعاون وتدعيم السلام والتنمية، وتمت إقامة 17 آلية تعاون في إطار المنتدى، بالإضافة إلى عقد 9 دورات للاجتماع الوزاري للمنتدى حتى اليوم.
وأكدت الخارجية الصينية أن الصين والدول العربية أعضاء مهمون في صفوف الدول النامية، وقوى سياسية مهمة على الساحة الدولية، وظلت الصين تنظر إلى العلاقات الصينية العربية من منظور استراتيجي، وتعتبر الدول العربية شركاء مهمين لها في السير الثابت على طريق التنمية السلمية وتعزيز التضامن والتعاون بين الدول النامية والدفع ببناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
وفى ظل الظروف التاريخية الجديدة، من المهم أن يتطور التعاون الصيني العربي باستمرار في ظل التيار العالمي للتطور والتقدم، ويتقدم إلى الأمام باستمرار مواكبا لخطوات تاريخ البشرية، إن الجانبين الصيني والعربي في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تعزيز التعاون لتجاوز الصعوبات والتقدم إلى الأمام يدا بيد.