التحويلات المالية تنقذ الدول النامية من الديون.. ومصر تغيب من قائمة البنك الدولي

تعتبر التحويلات المالية من أهم الوسائل التي تنقذ عدد من البلدان والأسر من صعوبات كثيرة، فهي تعد مصدراً من مصادر التمويل الخارجي، نظراً لمرونتها، خاصة في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل التي لديها مديونية لـ الدول مرتفعة الدخل، وهذا ما زاد منذ فترة جائحة كورونا بعدما تراجع النمو الاقتصادي بشكل كبير.

تقرير البنك الدولي

أكد أحدث عددٍ من تقارير البنك الدولي في موجز الهجرة والتنمية، أن التقديرات تشير إلى زيادة نسبة تدفقات التحويلات المُسجَّلة رسمياً في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل بنسبة 1.4% إلى 656 مليار دولار في عام 2023.

وكشف التقرير أنه من المتوقع أن يتراجع النشاط الاقتصادي في البلدان المُرسلة للتحويلات، ما يحد من فرص العمل والتشغيل وزيادة أجور المغتربين.

زيادة لـ معدلات نمو تدفقات التحويلات المالية

وشمل هذا العدد الأخير من موجز البنك الدولي تعديلاً بالزيادة لمعدل نمو تدفقات التحويلات المالية في 2022 إلى 8% لتصل إلى 647 مليار دولار. 
 

تعليق المدير المالي لقطاع الممارسات العالمية بـ البنك الدولي

وقال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للحماية الاجتماعية والوظائف في البنك الدولي، ميكال روتكوفسكي، : "تكمل التحويلات المالية ما تقدمه الحكومات من تحويلات نقدية إلى حد كبير، حيث تكون ضرورية للأسر في أوقات الحاجة. ويقود البنك الدولي العمل على جبهتي الدراسات التحليلية والعمليات فيما يتعلق بالهجرة العالمية لتسهيل تدفقات التحويلات وخفض تكاليفها."

وحصدت التحويلات المالية دفعة جراء صعود أسعار النفط في بلدان مجلس التعاون الخليجي، وبسبب التحويلات المالية الكبيرة من الاتحاد الروسي إلى بلدان آسيا الوسطى؛ وقوة أسواق العمل في الولايات المتحدة واقتصادات بلدان المقصد المتقدمة، ما ساعد على زيادة دخول المغتربين.

نسب زيادة تدفقات التحويلات

وكذلك زادت تدفقات التحويلات بنسبة 0.7% في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ، وبنسبة 19% في أوروبا وآسيا الوسطى، وبنسبة 11.3% في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، وبنسبة 12.2% في جنوب آسيا، وبنسبة 6.1% في أفريقيا جنوب الصحراء. وانخفضت تدفقات التحويلات بنسبة 3.8% إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
 

البلدان أصحاب أكبر قدر من التحويلات المُسجَّلة رسمياً 2022

وكانت قد تلقت البلدان الخمسة أكبر قدر من التحويلات المُسجَّلة رسمياً عام 2022، وهي الهند (11 مليار دولار) والمكسيك (61 مليار دولار) والصين (51 مليار دولار)، والفلبين (38 مليار دولار) وباكستان (30 مليار دولار).

وتُشكل تدفقات التحويلات نسبةً كبيرة من إجمالي ناتج طاجيكستان المحلي، وهنا الأمر يكشف مدى أهمية التحويلات لتمويل عجز الحساب الجاري والموازنة العامة، حيث وصل لـ (51% من إجمالي الناتج المحلي)، وتونغا (44%) ولبنان (36%) وساموا (34%) وجمهورية قيرغيز (31%).
 

رئيس شراكة المعارف العالمية: التحويلات شريان حياة

قال كبار مؤلفي تقرير الهجرة والتنمية ورئيس شراكة المعارف، ديليب راثا كبير : "لقد أصبحت التحويلات شريان حياة مالياً في العديد من الاقتصادات خلال الجائحة، وستزداد هذه التحويلات في المستقبل المنظور. وقد كثفنا تعاوننا مع البلدان المرسلة للتحويلات والمتلقية لها لتحسين البيانات والاستفادة من التحويلات لتعبئة رؤوس الأموال من القطاع الخاص من خلال سندات المغتربين وتحسين التصنيفات السيادية."

أسعار التحويلات ووسائلها

تعد تكلفة التحويلات على المستوى العالمي، باهظة للغاية، إذ تصل تكلفة إرسال 200 دولار نحو 6.2% في المتوسط من الربع الأخير عام 2022، ما تعد مرتفعة مقارنة بـ 6% قبل عام.

وهذه النسبة هي أكبر من ضعفي النسبة المستهدفة في أهداف التنمية المستدامة، والبالغة 3%، وفقاً لقاعدة بيانات البنك الدولي لأسعار التحويلات في العالم.

ويتسائل البعض، عن كيفية إتمام هذه التحويلات، والإجابة تكمن في البنوك، إذ تعد هي القنوات الأكثر تكلفةً لإرسال التحويلات، حيث بلغ متوسط التكلفة التي تتقاضاها 11.8%، يليها مكاتب البريد (6.3%)، ثم شركات تحويل الأموال (5.4%)، وشركات الهاتف المحمول (4.5%).

ومقارنة بتكلفة البنوك والبريد وشركات تحويل الأموال المرتفعة، تأتي شركات الهاتف المحمول لتعد هي القناة الأرخص لإرسال التحويلات، إلا أنها تسهم بنسبة تقل عن 1% من إجمالي حجم معاملات التحويلات.

الاتجاهات الإقليمية لـ التحويلات المالية

زادت التحويلات إلى منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 0.7% لتصل إلى 130 مليار دولار في عام 2022، بينما تناقصت التحويلات إلى الصين، بسبب زيادة الرخاء وارتفاع أعداد المسنين.

وساعد الطلب في فترة ما بعد الجائحة بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية على المهاجرين الأعلى مهارة في شرق آسيا، واستمر الطلب على العمال في بلدان مجلس التعاون الخليجي، وزيادة فرص العمل في أستراليا ونيوزيلندا على تعزيز قدرة المغتربين على إرسال الأموال إلى ذويهم في بلدان الموطن.

توقعات بزيادة التحويلات عام 2023 بنسبة 1%

ومن المتوقع خلال عام 2023، أن تزداد التحويلات بنسبة 1%، إذ أن تراجع النمو في البلدان المضيفة سيُؤثِّر على الدخول وآفاق التوظيف.

ووصل متوسط تكلفة إرسال 200 دولار إلى المنطقة 5.7% في الربع الأخير من 2022، وهو تراجع ضئيل عن مستواه البالغ 5.9% قبل عام، وكان خلال قنوات التحويلات المالية الخمس الأقل تكلفةً، انخفض متوسط التكلفة إلى ما دون 3%.

بينما زادت تدفقات التحويلات إلى بلاد أوروبا وآسيا الوسطى بنسبة 19% لتُسجِّل مستوى قياسياً مرتفعاً قدره 79 مليار دولار في عام 2022، وذلك بسبب المبالغ الكبيرة من التحويلات المالية من الاتحاد الروسي إلى البلدان المجاورة.

أسباب ارتفاع التحويلات من روسيا

ترتفع تدفقات التحويلات من روسيا؛ نتيجةً لهجرة رؤوس الأموال من خلال انتقال الشركات الروسية والمواطنين الروس، وزيادة الطلب على العمال المغتربين في روسيا.

وظلت أوكرانيا أكبر متلقٍ للتحويلات في المنطقة خلال عام 2022، ، حيث تلقَّت تدفقات قيمتها 17.1 مليار دولار منخفضةً بنسبة 5.4% عن مستواها في 2021.

وانخفض حجم التحويلات بنسبة 11.5%، في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2023،  وهو ما يشير إلى استمرار ضعف التحويلات في هذة البلاد، وبلغ متوسط تكلفة إرسال 200 دولار إلى المنطقة 6.4% في الربع الأخير من 2022، مرتفعاً قليلاً من مستواه البالغ 6.1% قبل عام.

إرتفاع تدفقات التحويلات في أمريكا والمكسيك والهند

زادت تدفقات التحويلات إلى منطقتي أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي بنسبة 11.3% إلى 145 مليار دولار في 2022 بفضل قوة سوق العمل في الولايات المتحدة، وارتفعت التدفقات إلى المكسيك بنسبة 12.9% إلى 61.1 مليار دولار، بينما تباينت البلدان بشكل كبيراً من حيث معدل نمو التحويلات، حيث تتراوح من زيادة قدرها 50% في نيكاراغوا، و18% في جواتيمالا، و17.8% في هندوراس، و9.7% في كولومبيا.

وفي عام 2023، من المتوقع أن تزيد تدفقات التحويلات إلى المنطقة بنسبة 3.3%، ولكن نظراً لأن آفاق المستقبل ترتبط ارتباطاً شديداً بالتطورات في الاقتصاد الأمريكي الذي يشهد تباطؤاً، فهناك احتمالات قوية بتدهور الأوضاع.

وبلغ متوسط تكلفة إرسال 200 دولار إلى المنطقة 5.8% في الربع الأخير من عام 2022، مرتفعاً قليلاً من 5.6% قبل عام، بينما انحفضت تدفقات التحويلات إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 3.8% إلى 64 مليار دولار في 2022 بعد أن سجَّلت معدل نمو قوياً قدره 12.2% في 2021.

وتضمنت اقتصادات المنطقة التي شهدت زيادات طفيفة في تدفقات التحويلات على بعض بلدان المغرب العربي، وخلال عام 2023، من المتوقع أن تزيد تدفقات التحويلات إلى المنطقة بنسبة 1.7%، حيث بلغ متوسط تكلفة إرسال 200 دولار إلى المنطقة 6.2% في الربع الأخير من عام 2022، منخفضاً من 6.4% قبل عام.

وزادت تدفقات التحويلات إلى منطقة جنوب آسيا بنسبة تزيد على 12% في 2022 إلى 176 مليار دولار بفضل قوة سوق العمل في بلدان المقصد، وارتفاع الطلب على المهاجرين الأقل مهارةً في بلدان مجلس التعاون الخليجي.

وارتفعت التدفقات كذلك في الهند بنسبة 24% إلى 111 مليار دولار، ومن البلدان الأخرى في المنطقة التي تلقَّت أكبر التحويلات باكستان (في المركز الخامس)، وبنغلاديش (المركز السابع)، حيث وصلت تدفقات التحويلات في 2022 إلى 30 مليار دولار و22 مليار دولار على الترتيب.

وتُعد من أكبر البلدان التي تُشكِّل فيها تدفقات التحويلات نسبة كبيرة من إجمالي الناتج المحلي، هي نيبال حيث حصلت على المركز التاسع على مستوى العالم بتحويلات تعادل 23% من إجمالي ناتجها المحلي في 2022.

وفي عام 2023، من المتوقع أن تزيد تدفقات التحويلات إلى المنطقة بنسبة 0.3% جراء تباطؤ النمو في اقتصادات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وبلغ متوسط تكلفة إرسال 200 دولار إلى المنطقة 4.9% في الربع الأخير من عام 2022، مرتفعاً من 4.3% قبل عام.

وارتفعت تدفقات التحويلات إلى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 6.1% في 2022 إلى 33 مليار دولار بسبب قوة معدل نمو التحويلات في غانا (12%)، وكينيا (8.5%)، وتنزانيا (25%)، ورواندا (21%)، وأوغندا (17%)، كما زادت التحويلات إلى نيجيريا لتبلغ نسبتها نحو 38% من إجمالي التدفقات إلى المنطقة بنسبة 3.3% إلى 20.1 مليار دولار.

تدفقات التحويلات تنقذ بلدان إفريقية من الديون

وأنقذت تدفقات التحويلات، عدد من البلدان الأفريقية التي تعاني مع عدم الأمن الغذائي، وانتشار الصعوبات المرتبطة بخدمة أعباء الديون، لذا من الموقع خلال عام 2023، أن يتباطأ نمو تدفقات التحويلات إلى 1.3%، ليبلغ متوسط تكلفة إرسال 200 دولار إلى المنطقة 8% في الربع الأخير من عام 2022.
 

أزمة العملة المصرية

كانت تحتل مصر المركز الخامس عالميا  باستقبال تحويلات العاملين بالخارج عام 2021، حسبما ذكر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ولكن حدثت تطور في التحويلات، حيث سجلت مصر تحويلات بقيمة (32 مليار دولار) بعد كل من الهند (89 مليار دولار)، والمكسيك (54 مليار دولار)، والصين (53 مليار دولار)، والفلبين (37 مليار دولار)، وجاءت باكستان في المركز السادس بـ (31 مليار دولار).
 

شهدت حجم تحويلات المصريين بالخارج تطورا ملحوظاً خلال آخر 6 سنوات، حيث بلغت 21.8 مليار دولار في العام المالي  (2016 / 2017)  ثم واصلت الارتفاع حتى وصلت الى 31.9 مليار دولار في العام المالي 2021 / 2022 بمقدار زيادة   10.1 مليار دولار .

إلا أن التحويلات المالية في سياق اهداف التنمية المستدامة 2030، استهدفت خفض تكلفة تحويلات المهاجرين إلى أقل من 3% لكل معاملة وإلغاء تكلفة قنوات التحويلات المالية التي تزيد عن 5%.

واكدت بيانات البنك الدولى الخاصة أن إرسال التحويلات عبر الهاتف المحمول يعد وسيلة مهمة لخفض تكلفة إرسال الأموال، حيث إنها تقلل، بل تلغي الرسوم التي يفرضها الوسطاء مثل المؤسسات المالية، حيث بلغ متوسط تكلفة الارسال 3,67 % ( الربع الثانى 2022) والذى يعد الاقل بالمقارنة بباقى قنوات الارسال
تغيرات عنيفة في سوق الصرف منذ مارس 2022

غياب مصر من قائمة التحويلات
 

حدثت تغيرات عنيفة منذ الربع الأول من العام الماضي، وتسببت التحركات الأخيرة في أسعار الصرف بإصابة السوق السوداء للعملة بالركود مع توقف عدد كبير من كبار التجار وتوقيف آخرين من قبل السلطات.

تشهد تحولات المصريين العاملين بالخارج تطورا ملحوظا خلال الـ 5 سنوات الماضية، حيث تمثل موردًا مهمًا للنقد الأجنبي في مصر، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم وتراجع حركة السياحة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع احجام التضخم.

واستفادت مصر، من ارتفاع أسعار النفط والتحويلات من المصريين العاملين في دول الخليج، فضلا عن النشاط الاقتصادي القوي في أوروبا والولايات المتحدة، بحسب تقرير البنك الدولى.

ومن المتوقع تنمو التحويلات إلى البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط بنسبة 4.2% لتصل إلى 630 مليار دولار خلال العام الحالي، بعد تسجيل نمو بنسبة 8.6% العام الماضي عندما بلغت التحويلات 605 مليارات دولا.
 

تطور تحويلات العاملين المصريين بالخارج خلال 5 سنوات:

1- السنة المالية 2017 - 2018  بلغ 26.4 مليار دولار.

2- 2018 -2019 بلغ 25.2 مليار دولار .

3- 2019-2020 بلغ 27.8 مليار دولار .

4- 2020 - 2021 بلغ 31.4 مليار دولار .

5- 2021 -2022 بلغ 31.9 مليار دولار