شاهيناز عباس تكتب:
أطروحات نادية نديم.. قولبة الأفكار والتنميط الذهني
هل الحكمة الشهيره السائدة التي تقول "الذي تعرفه خير من الذي ستتعرف عليه صحيحة؟".
إن الأنماط الذهنية المتكررة بنفس الصورة في كل مكان وكل مواقع التواصل، والأنساق المتشابهة في التفكير والتعليقات علي الأحداث والمواقف بنفس الطريقة وكأنها من مخزون معرفي واحد، وكأن العقول أصبحت أسيرة لهذه المقولات بدون وجود مرونة عقلية ضرورية للخروج من هذا التشابه والتكرار الممجوج.
كيف تعاملت نادية نديم مع سيطرة الأفكار النمطية المتشابهة؟
غالبا من يتبنون هذا التفكير هم أشخاص أغلبهم يعاندون التطور الفكري والتجديد في الأفكار المطروحة لديهم، ولقد حاولت نادية نديم تخطي مواجهة هذه الشخصيات بشكل مباشر كي لا تتعرض إلى مشكلات هي في غني عنها، ومهاترات لا طائل منها، خاصة أن هؤلاء قد يراهم البعض مصدر أمان وتوازن للمجتمعات الحديثة فهم أساس للأصالة يبثون الثقة في النفوس المتردده والميالة للتأني والتروي بطبيعتها.
الإعلام والنمطية الذهنية
هل هذه القولبة هي عملية إعلامية مخطط لها مسبقا أم هي نتاج للتطور في وسائل الإعلام ومواقع التواصل ذات الأنماط الذهنية المتشابهة؟
لقد طرحت نادية نديم هذا السؤال علي والدها الذي قال بإنه من الواضح أن الإجابة قد تحتمل النمطين، فهذه الصورة النمطية السلبية التي تختزلها وسائل الإعلام في بعض القوالب الجاهزة المختصرة لفئة اجتماعية معينة، أو شخص معين أو ثقافة محددة وتلصق بها بعض الأحكام المختصرة المكررة، والتي قد تتعلق بصراعات فكرية أو سياسية محددة، فتقوم بالتوجيه الإعلامي المقصود لاتجاهات فكرية للتأثير علي المتلقي بدرجة كبيرة من خلال توصيف مقنن غير عبثي، بل متعمد فيؤدي ذلك إلى تكرار هذه الصفة الملصقة بهذه الفئة إلى حد تصديقها بشكل كبير لدى عامة الجماهير.
تمحيص ونقد الأفكار
لقد علمها الدكتور نديم أنه لابد من تعلم ثقافة النقد والتمحيص لكل ماهو مطروح على الساحة الثقافية والفكرية والسياسية ومن ثم محاربة الفكر الأحادي الذي ينشأ من اتجاه وفكر واحد ينمط المفاهيم على أساسها فتتشابه الثقافات والأفكار والآراء بشكل سطحي لا يستند علي أية أسس وركائز عقلية مدروسة وذلك من خلال تحليل الأفكار وموازنة النتائج المترتبة على تبني أيا منها.
العقلية الدوغمائية والتفكير التكراري
لقد تساءلت نادية نديم عن معنى هذه الكلمة التي قد تتردد لديها في بعض الكتب فأجابها والدها أن الدوغمائية (dogmatism) وهي كلمة يونانية تعني "الجمود العقائدي" وهو التفكير بصورة روتينية تكرارية رتيبة بدون وعي أو تقبل للرأي الآخر الذي يناقضها حتي لو ثبت له من الدلائل ما يؤكد أن أفكاره خاطئة وهذا الفكر لا يصيب الأميين فقط بل قد يكون لدى فئة من المؤدلجين ولكنهم يحاربون كل ما هو ليس في إطار تخصصهم العلمي والفكري البحت.
التفكير وتنميته في القرأن الكريم
كما أوضح لها أن القرآن الكريم تناول موضوع التفكير والعمليات العقلية المختلفة ونظائرها بشكل مباشر أو غير مباشر فتكررت مادة (فكر) ثماني عشرة مرة.
فالقرأن يعني إلى وصول الإنسان من خلال تفكره إلى أحكام صائبة مبنية علي الاستدلال الصحيح، وذلك من خلال ذكر كلمة التفكر بكلمات متعددة تشترك في معنى واحد حسب السياق من خلال كلمات مثل: الفكر والنظر والبصر والتدبر والتفقه والاعتبار والذكر والعلم، وسائر هذه الملكات الذهنية التي قد تتفق أحيانا في المدلول وهي ما تعد دلالات لنظائر التفكير في القرآن، وهو مايدعم مبدأ التدبر لآيات القرآن وإدراك المقاصد والقضايا الخفية ليكون ذلك جزءا أصيلا من البناء الثقافي للمجتمعات.