تقرير: الصين تضع خططا لقيادة "العالم النامي"
يسعى الحزب الشيوعي الصيني لأن يقدم الجمهورية الشعبية على الساحة الدولية كقائد لدول العالم النامي، وتأتي المساعي الصينية في الوقت الذي بلغت فيه التوترات الجيوسياسية العالمية مستوى غير مسبوق، لتسعى الصين والولايات المتحدة، لجذب دول ما يطلق عليها "بقية العالم" (the rest of the world) إلى جهتها من الصراع، وفق مقال لمجلة الإيكونوميست البريطانية، ترجمته شبكة "رؤية" الإخبارية، في تقرير لها حول الخطط الصينية.
الخطط الصينية وحديث عن التحرر والاستقلال
وأشار التقرير إلى اجتماع دول مجموعة 77 في هافانا في كوبا، وهو تكتل يضم دول الجنوب العالمي، وفي خطاب ألقاه رئيس اللجنة المركزية لفحص الانضباط في الحزب الشيوعي الصيني، تشاو لي جي، كان خطاب محملاً بالإِشارات التاريخية ونضال الماضي وعرج لي جي، على ما أسماه “الكفاح من أجل الاستقلال الوطني والتحرر”، حسب ما ذكر مقال الإيكونوميست.
وفي الواقع، كان الخطاب بأكمله مليئًا بالإيماءات إلى الماضي وإشارات إلى نضالات منتصف القرن العشرين من أجل "الاستقلال الوطني والتحرر"، وعرج على "روح باندونج" (مصطلح مشتق من مؤتمر باندونج الشهير 1955 ويشير إلى نضال حركات التحرر الوطني).
رابطة أبدية مع الدول النامية
مع إرسال رئيس لجنة الانضباط إلى كوبا كممثل للرئيس الصيني شي جين بينج إلى قمة تضم الصين وبلدان مجموعة الـ77، تعهد لي جي بأن بكين “ستكون دائمًا جزءًا من العالم النامي وجزءًا من الجنوب العالمي.. بغض النظر عن مقدار تقدمها”.
وعاد المسؤول البارز وعضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني إلى التاريخ، قائلًا “إن الصين مرتبطة برابطة أبدية مع الدول الأخرى التي قاومت الاستغلال وحاربت الطمع خلال الحقبة الاستعمارية”.
لم يكن المسؤول بالحزب الشيوعي، يتحدث عفويًّا أو مرتجلًا، كما أن دروسه في تاريخ الحرب الباردة لم تكن السابقة الأولى من نوعها، حسب ما ذكرت مجلة الإيكونوميست البريطانية. ووفق المقال، أطلقت الصين حملة جديدة منسقة لتقديم نفسها كـ”زعيم طبيعي للعالم النامي”، بدءًا من الدول التي نائت ذاكرتها بمآسي القوى الاستعمارية.
وفي 13 سبتمبر الجاري، نشرت وزارة الخارجية الصينية “مقترح جمهورية الصين الشعبية بشأن إصلاح وتطوير الحوكمة العالمية”، وفق مقال المجلة البريطانية.
وحسب وثيقة الخارجية الصينية، يتطلب الإصلاح المرجو إجراء تغييرات شاملة على القواعد والمؤسسات التي تشرف على التنمية الدولية والأمن وحقوق الإنسان، مردفةً أن التاريخ يمثل عبرًا كثيرة للولايات المتحدة الأمريكية، والمشار إليها بـ”دولة معينة”، التي ينبغي عليها التعلم من أخطاء الماضي، حسب المقال.
من بين هذه الأخطاء المزعومة، تجاهل “المخاوف الأمنية المشروعة” لروسيا، والاستخدام المتعمد للعقوبات، وعرقلة التقدم العلمي من خلال فرض قيود على مبيعات التكنولوجيا في إشارة للحظر الأمريكي المفروض على الصين في تقنيات الرقائق المتقدمة.
المظالم التاريخية
تحت مسمى معالجة “المظالم التاريخية”، تدعو الصين إلى منح البلدان النامية دورًا أكبر في الأمم المتحدة، بما في ذلك مقاعد لإفريقيا في مجلس الأمن الموسع، وفق مقال الإيكونوميست.
حسب مقال إيكونمست، لا يشير الاقتراح إلى الهند، البلد النامي الصاعد والمنافس للصين، على الرغم من سعيها طويل الأمد للحصول على مقعد في مجلس الأمن.
ولتعزيز هذه النظرة العالمية، تقترح الصين أن تقوم الأمم المتحدة بذلك ويتعين على هيئات حقوق الإنسان أن توظف المزيد من المواطنين من البلدان النامية في أقرب وقت ممكن، وفق مقال الإيكونوميست.
وبصورة أكثر وضوحًا من أي وقت مضى، تتحدث الوثيقة صراحةً عن طموحات شي جين بينج الكبرى على صعيد السياسة الخارجية، من مبادرة الحزام والطريق إلى مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية.
وأدرك مسؤولو الحزب الشيوعي نقطة تحوّل تاريخية، وهي أن العديد من دول العالم من القوى الوسطى والصغيرة تشعر بالاستياء من المعايير الغربية بشأن الصواب والخطأ، بالإضافة إلى ذلك فإن هذه الدول، ووفق المقال، تلقي باللوم على القوى الغربية بسبب العقوبات المفروضة على روسيا وتسببها في ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.
وفي مقابل ذلك، تقدم الصين نفسها، في قيادة أشبه ما يكون بـ”حركة عدم الانحياز جديدة”، وتدعو بكين إلى “التعددية الحقيقية”، في الهيئات الدولية، من الأمم المتحدة إلى البنك الدولي وصندوق النقد.