عبدالفتاح عبدالرازق يكتب:
القرآنُ الكريم وتسكينُ الآلامِ
أقصد بالآلام تلك التى يُحِسُّها ويعانيها كُلُّ مُشاهِد ومتابع لما يحدث فى فلسطين، وفى غزة على وجهٍ أخص.
مشاهد يندى لها جبين الإنسانية الحرة يرتكبها عدوٌ خبيث يَجبُنُ عن قتال المواجهة والذى تصليهم فيه المقاومة نار الهزيمة والصَغار، إلى حربٍ مع المدنيين رجالًا ونساءًا وأطفالًا فى ملاجئهم فى المستشفيات والمساجد والكنائس، وكأن حال هؤلاء المدنيين العُزَّل يقولُ لهذا العدو الغادر الجبان قول عمران بن حِطَّان:
أسدٌ علىَّ وفى الحروب نعامَةٌ ... ربداءُ تجفُلُ من صَفِيرِ الصافِرِ
هذه الآلام تزلزل النفس زلزالًا شديدًا وهى ترى صَولَةَ الباطِلِ تُعَربِدُ وتُعَربِد، حتى إن النفس تثور فيها براكين سبَّبَها العجز عن تقديمِ يَدِ المساعدة لهؤلاءِ المستضعفينَ بمدنييهم الأقوياء بمقاوميهم.
أما من زلزالٍ يبتلعُ هؤلاء المجرمين ؟، أما من ريحٍ سَموم تتركهم كأعجازِ نَخلٍ خاوية ؟، أما من كذا أما من كذا؟؟؟
ويَزيدُ هذه الآلام ما نراهُ من موقف الأمة الإسلامية والعربية المتراخى جدا من غزةَ وأهلها، وفلسطين وقدسها.
وقديمًا قال طَرَفةُ بن العبد:
وظُلمُ ذوى القُربى أشدُّ مضاضةً ... على المرءِ من وقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ
حينما تثورُ هذه الآلام تفتكُ بالنفس فتكًا، إلا أن بقيَّةً من إيمانٍ تدفَعُ المسلم إلى القرآنِ الكريم:
( ونُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ ورَحمَةٌ للمؤمِنِين ) الإسراء 82 .
آياتٌ كِثار من كتابِنَا الخالد تُرجِعُ المؤمن إلى سُنَّةِ التدافع بين الحق والباطل، وإلى سُنَّةِ اللهِ التى قد خَلَت من قَبلُ فى الابتلاء للتمحيص ورفع الدرجات، وكذلك تُرجِعُهُ إلى اليقين بِنصرِ الحقِّ وأهلِهِ مهما علا شأنُ الباطل وأهله.
اقرأ معى إن شئت ما تقُولُهُ آياتُ القرآنِ الكريم:
( ذّلِكَ وَلَو يَشَاءُ اللهُ لانتَصَرَ مِنهُم وَلَكِن لِيَبلوَ بَعضَكُم بِبَعض ) سورة محمد الآية 4.
( أم حَسِبِتُم أن تَدخُلُوا الجَنَّةَ ولمَّا يَعلَمِ اللهُ الَّذينَ جاهَدُوا مِنكُم ويَعلَمَ الصابرين ) سورة آلِ عمران الآية 142.
( إنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا والَّذينَ آمَنوا فى الحياةِ الدُنيا ويَومَ يَقُومُ الأشهاد ) سورة غافر الآية 51.
إذن هى جولَةٌ بينَ الحقِّ والباطل نحنُ مستيقنون فيها بنصرِ الله ( ذَلِكَ بأنَّ اللهَ هوَ الحقُّ وأن ما يَدعونَ من دونِهِ هوَ الباطِلُ وأن اللهَ هوَ العلىُّ الكبير ) سورة الحج الآية 62.
( بل نَقذِفُ بالحَقِّ على الباطل فيدمَغُهُ فإذا هو زاهق ) سورة الأنبياء الآية 18.
فلا خوف على فلسطين وأرضها، ولا على غزة وأهلها ( ولَقَدِ كَتَبِنَا فى الزَّبُورِ من بَعدِ الذِّكر أنَّ الأرضَ يَرِثُها عِبادىَ الصَّالِحون إنَّ فى هذا لبلاغًا لِقَومٍ عابدين ) سورة الأنبياء الآية 105.
( فَأَوحى إليهِم رَبُّهُم لَنُهلِكَنَّ الظالمين (13) وَلَنُسكِنَنَّكُم الأرضَ مِن بَعدِهِم ذلك لِمَن خَافَ مَقَامِى وخافَ وعيد ) (14) سورة إبراهيم الآية 13-14.
وصَدَقَ الله ( قُل هوَ للَّذينَ هدى وشفاء ) سورة فُصِّلَت الآية 44.
بهذا الهدى القرآنى تَسكُنُ آلامَ النفس بل يُبَدِّلُها هذا الشِفاءُ القُرآنى يَقينًا بموعودِ اللهِ فى النصر.
( وَمَن أوفَى بِعَهدِهِ مِنَ الله فاستبشِرُوا بِبَيعِكُم الَّذى بَايَعتُم به وذَلِكَ هُوَ الفَوزُ العظيم ) سورة التوبة جزء من الآية 111.