شاهيناز عباس تكتب:
تعثرات حياة الحالمة
تبعثرت أحلامها فما عادت تعرف كيف هي حقيقتها ...أهي اوهام حقا كما يدعي البعض ام ان الاحلام اصبحت صعبة التحقيق.
تخطت حدود الزمان والمكان ووضعت لحياتها اهدافا وطموحات وما كانت لتعرف انها بلا جدوي واقعية الا بعد فوات اوانها...وتسامت نفسها فوق الاهداف العادية التي تشغل عادة من هم في مثل عمرها وكانت تخاطب نفسها قائله لن اجعل احلامي هباءا بل سأحاول واحاول
حياة فتاة الخيال ولكن علي ارض من الواقع هائمه في الاحلام ولكنها تحاول تحقيقها بقدر ما تستطيع وتبذل كل ما في وسعها حتي اذا اخفقت في ذلك لا تحمل نفسها جريرة ذلك
في عالمها المخملي المزدان بالامنيات بين والدتها التي لا تهاديها الا بالورود التي تعرف ان ابنتها تعشقها وخاصة هذا البنفسج بديع اللون وبين والدها الذي يهاديها دوما بالكتب والمجلات كلما خرج صباحا ليبتاع الجريدة اليوميه فهذا السكون والهدوء يسود حياتها فتمتلأ غرفتها بالالوان الهادئه بين الوردي والبنفسجي وبين الورود والكتب
ولكن شتان بين التوازن النفسي واللامبالاه فهي تحتاج الي محادثة نفسها دوما ... وتثبيط انفعالاتها التي قد تثور بلا نفع لها والاحاديث التي تشغل عقلها بلا داعي حقيقي ...والاحلام المؤجله لاسباب مبهمه بالنسبه لها آنذاك ..
التحقت بالكلية التي تتمناها وتحلم بها منذ الصغر ...تؤثر في كيانها الاصوات الرخيمه في المذياع الذي لا تستغني عنه بجانبها وكأنه صديقها ليلا ونهارا ...فتستمع الي البرامج الاذاعيه اكثر من التلفاز الذي تتصوره لا يترك لها الفرصه للتخيل الذي تهواه ...اما الكتب التي تمتليء بها غرفتها فهي لا تنتهي من كتاب حتي تبدأ في الآخر تهرب داخله من اية احداث لا تستهوي عالمها الهاديء
الحروف المتراصة والسطور المكتوبة عشق لا ينتهي لديها وكأن هذه الاحرف المتناثرة هي عالمها ومرآتها في الحياة ...لا تستطيع فهم لغة الأرقام والمعادلات مثلا فهذا واقع غير مستساغ لأفكارها الخيالية
وفي مفترق الطرق بين الطفولة والشباب تساءلت حياة عن معني الحياة... هل يكمن معناها في الزحام وبين الأحاديث العابره أم تستتر معانيها خلف ستار العزلة و خلف الظلال المتوارية لأمكنة اللقاءات ..كانت أفكارها عالقة في المنتصف بين حب الكلمات الصامتة وبين الأمسيات الأسرية المليئة بالدفء والحكايا ..حسنا سأطل من نافذتي لأصافح العالم حينا ولكني سأعود لأختبيء خلف ستار العزلة في أغلب الأحيان
في بعض الروايات التي قرأتها وجدت أن قضية الهدوء والعزلة تعامل معها الادباء بعمق فطرحوا الأفكار التي تؤيد أن الانعزال ليس انطوائية بل هي اتاحة الفرصة والمجال للتفكير والنضوج كما ان الأزمات التي قد تؤثر في بعض الشخصيات تجعلهم يثقون أقل وينعزلون أطول مدي ممكن لتفادي عدم الثقة والسخرية ممن حولهم
جين اير ...فتاة العزلة في الرواية المعروفة لشارلوت برونتي ..أثرت فيها هذه الشخصية الدرامية والتي عانت من وحدتها منذ الطفولة المبكرة فقد كانت تعامل بالقسوة من خالتها لترسل بها في النهايه الي مدرسة داخلية فتحولت إلي شخصية كتوم ومنعزلة وتعاني من فقدان الأمل لكنها استطاعت مع الوقت أن تحتفظ برباطة جأشها ولم تؤثر هذه الأحداث علي سلوكها الخارجي وحياتها العاديه بل ظلت تتصرف بشكل طبيعي وإيجابي
العزلة والتمسك بالروحانيات هل هناك اقتران بينهما في أغلب الأحيان.. فالصلاة والصوم وقراءة القرآن والتدبر والتفكر والذكر ماهي الا أشكال متعددة من الانعزالية والتحاور مع الذات لتقييمها وتفادي تخبطها اثناء مواجهتها للواقع والأحداث التي قد تتغلب علي اتزان النفس ..فهذه العزلة الروحانيه تجلب التفاؤل والاطمئنان وتدفع للارتقاء الاخلاقي والاصلاح الذاتي وتعزز المرونة في التوافق مع النفس والأخرين
كانت حياة تهوي كتابة الروايات والقصص القصيرة منذ الصغر ولكن ما منعها من الاستمرار هو ان يتم الربط بين ما تكتبه وبين حياتها الشخصية
كلماتي ليست بالضرورة قصة حياتي بل قد تكون كلمات حياة انسان آخر واستعرت مفرداته بكثير من التجرد والتفكر..اعلم ان التجرد المطلق مستحيل والتحرر من اطاري الفكري صعب ..ولكنها محاولات لاقتباس الافكار من الحياه ..فهل تنضب الافكار و المعاني لدينا أو لدي الأخرين حتي نربطها بشخص محدد ...وهل يتواري التفكير الابداعي خلف اسوار التنميط والتكرار ..ربما