رئيس التحرير
علاء الجمل

عبدالفتاح عبدالرازق يكتب:

شوال 2 هـــ شاهد على بداية خيانات اليهود

بعد انتصار المسلمين الساحق فى غزوة بدر على مشركى مكة فى السابع عشر من رمضان من العام الثانى من الهجرة، اشتعل حقد بطون اليهود فى المدينة ( بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة وبنو المصطلق ) على المسلمين لأن هذا الانتصار يثبِّت أقدام دولة الإسلام الفتية ويُرعب اليهود وغيرهم من ملاقاة جنود الإسلام البواسل.

وفى شهر شوال من العام الثانى من الهجرة حدثت أولى خيانات اليهود لموادعة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إياهم ( ألا يحاربوه – صلى الله عليه وسلم -، وألا يمالئوا عليه عدوه ) حدث هذا فى سوق بنى قينقاع فى المدينة المنورة.

وهناك روايتان ذكرتهما كتب السيرة لهذه الخيانة من بنى قينقاع:

ذكر ابن كثير فى البداية والنهاية وابن هشام فى السيرة وابن الأثير أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها ( بضاعة ) فباعته بسوق بنى قينقاع، وجلست إلى صائغ بها فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت، فعمد الصائغ اليهودى إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها فلما قامت انكشفت سوأتها ( عورتها ) فضحكوا بها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود فغضب المسلمون، فوقع الشر بينهم وبين بنى قينقاع.

قال ابن حجر فى فتح البارى:

فكان أول من نقض العهد من اليهود بنو قينقاع.

فحاربهم ( أى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ) فى شوال بعد وقعة بدر، فنزلوا على حكمه وأراد قتلهم فاستوهبهم منه عبداللهُ بن أبى بن سلول رأسُ المنافقين ( وكانوا حلفاءه ) فوهبهم له، وأخرجهم من المدينة إلى أَذرِعات بالشام وكانوا سبعمائة، تاركين وراءهم أموالهم وأسلحتهم.

الرواية الثانية:

قال بن اسحاق رحمه الله: ( ولما أصاب الله – عز وجل – قريشًا يوم بدر جمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يهودًا فى سوق بنى قينقاع حين قدم المدينة فقال:

( يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم الله بمثل ما أصاب به قريشًا فإنكم قد عرفتم أنى نبى مرسل فقالوا له: يا محمد، لا يَغُرَّنَّكَ من نفسك أنك قتلت نفرًا من قريش كانوا أغمارًا لا يعرفون القتال، إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنَّا نحن الناس وأنك لم تلق مثلنا.

فأنزل الله – تعالى – فى ذلك:

﴿ قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ۖ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ۚ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ (13) ﴾ " سورة آل عمران ".

فقام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والمسلمون بحصار اليهود  ( خمس عشرة ليلة ) حتى استسلموا ونزلوا على حكمه.

فقام عبدالله بن أبى بن سلول وقال: يا محمد أحسِن فى موالىّ مرات حتى أغضب النبى – صلى الله عليه وسلم -، وأخيرًا قال له ( هم لك ). " ذكره بن اسحاق "

أما الصحابى الجليل عُبادة بن الصامت – رضى الله عنه – والذى كان حليفًا آخر ليهود بنى قينقاع فقد أعلن براءته من حلفائه اليهود بكل وضوح قائلا: يا رسول الله، أبرأ إلى الله ورسوله من حلفهم، وأتولى اللهَ ورسولَه والمؤمنين، وأبرأ من حلف الكفار وولايتهم. " رواه بن اسحاق "

وليت الأمة العربية الإسلامية تتعلم من موقف الصحابى الجليل عُبادة بن الصامت الذى تبرأ إلى الله من تحالفه مع اليهود لما ظهرت خيانتهم ومعاداتهم لله ورسوله.

ليت الدول العربية التى لها تحالفات مع اليهود تتعلم من هذا الموقف، وليتها تفقه قول الله – تعالى -:

﴿ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ﴾ "سورة المائدة – جزء من الآية 51".

وقوله – تعالى -: ﴿ لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ "سورة المجادلة – جزء من الآية 22"

وقوله – تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ ﴾ "سورة الممتحنة – جزء من الآية 1"

فاللهم إنا نبرأ إليك مما يفعل هؤلاء الذين يخونون عهد الله والرسول من اليهود وممن يحالفهم أو يهادنهم أو يساعدهم – خُفية – أو يرضى بما يفعلون من فظائع فى أرض الإسراء والمعراج أرض الأقصى.

وإلى لقاء .........